أكدت الباحثة الاقتصادية رشا سيروب أن قرار تغيير العملة السورية عقب سقوط النظام ليس مجرد خطوة تقنية بل هو إجراء استراتيجي يتطلب تخطيط دقيق وتهيئة شاملة للاقتصاد السوري، حيث أشارت إلى أن تطبيق هذا القرار دون اتخاذ التدابير الاقتصادية المناسبة قد يؤدي إلى آثار سلبية كبيرة، داعية إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي تضمن استقرار الاقتصاد وتخفف من المخاطر المحتملة.
قد يؤدي قرار تغيير العملة، وفق سيروب، إلى مزيد من التضخم والتراجع في النمو الاقتصادي الحقيقي، لذلك لا يجب أن يتم التغيير كإجراء منفصل ومستقل عن حزم إصلاحية واسعة في السياسة النقدية بحيث تتم إعادة هيكلة البنوك وتوحيد عملها على جميع الأراضي السورية وتطوير أدوات السياسة النقدية، وتعزيز الرقابة على النظام المصرفي، وإصلاح مالي يرتكز بشكل رئيس على توجيه الإنفاق العام نحو الاستثمارات الإنتاجية، وإصلاح هيكلي للاقتصاد يقوم على تشجيع الاستثمار وتنويع القاعدة الاقتصادية والحد من الاعتماد على الاستيراد.
ترى الباحثة بحسب ما قرأناه أن من الضروري القيام بإجراءين منفصلين سيساعدان بتحقيق جدوى مقبولة نسبياً من اتخاذ القرار بتغيير العملة، معتبرة أنه دون وضع سياسة اقتصادية هدفها تعزيز الإنتاجية واستثمار الموارد وإدارة العوائد بكفاءة وفاعلية فإن عملية التغيير لن تسهم في تصويب مسار الاقتصاد، بل على العكس تمامًا، قد يكون لاتخاذ القرار بالتغيير انعكاسات اقتصادية أخطر مما كانت عليه سابق.
يتمثل الإجراء الأول بالعمل على توفير احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، وهو ما يتطلب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية والعمل بشكل حثيث على رفع العقوبات الدولية، كي يتمكن الاقتصاد السوري من جذب الاستثمارات الأجنبية والحصول على القروض بشروط ميسرة من المؤسسات الدولية والدول الداعمة لسوريا في حكومتها الجديدة، كذلك ضمان سيطرة الدولة على مواردها الاقتصادية على كامل الأراضي السورية، وعلى وجه الخصوص الموارد النفطية التي تعد المصدر الرئيس للقطع الأجنبي.
قد يساعد تغيير العملة أو استبدالها في معالجة مشكلة شح السيولة النقدية على المدى المنظور، بحسب ما أوضحته الدكتورة رشا سيروب، لكن على المدى المتوسط والطويل سيؤدي قرار كهذا إلى مزيد من عدم الاستقرار النقدي الذي يتطلب درجة من الاستقرار المالي تستند إلى سياسات مالية سليمة يتم تنفيذها على التوازي (إن لم تكن سابقة) مع هذا القرار، فالافتقار إلى السياسات الداعمة الكافية ستؤدي حكمًا إلى خسارة العملة الجديدة مصداقيتها، التي قد يكون من الصعب والمكلف جدًا استعادتها في مرحلة لاحقة.
ختاماً من دليلك نيوز الإخباري نوضح إن تغيير العملة قبل ضمان الاستقرار السياسي ورفع العقوبات الدولية عن سوريا يعد خطوة محفوفة بالأخطار، بحسب سيروب، معتبرة أن الإقدام عليها من دون تغطية مالية كافية يؤدي إلى التضخم الجامح وتراجع قيمة العملة بشكل سريع، ما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة أصلًا، كما تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد من دون دعم حقيقي من الإنتاج أو التصدير، ما قد يعزز فوضى السوق النقدية ويزيد الطلب على العملات الأجنبية.