بين الاقتصاد والمناخ… مفارقات دولية تهدد مستقبل الأرض

بين الاقتصاد والمناخ… مفارقات دولية تهدد مستقبل الأرض

دمشق-حسب ما رصد دليلك نيوز الإخباري

في ظل تصاعد التحديات المناخية، تتسع الفجوة بين التعهدات الدولية لمواجهة التغير المناخي وبين السياسات الاقتصادية التي تتبناها بعض الدول، ولا سيما الكبرى منها، حيث تطغى المصالح التجارية والضغوط الداخلية على الالتزامات البيئية، ما يفاقم من معاناة الدول الأكثر هشاشة بيئياً والتي لا تملك القدرة على دفع فاتورة التداعي البيئي المتسارع.

توازن هش بين التنمية والبيئة

تواجه حكومات عديدة معادلة صعبة بين تحقيق النمو الاقتصادي السريع وبين الوفاء بالتزامات خفض الانبعاثات، ما يفرض عليها تنازلات مكلفة عن مكاسب آنية، وغالباً ما ترجّح كفة المصالح التجارية والاستثمارية على حساب البيئة، عبر سياسات تخفف الرقابة أو تسمح باستغلال الموارد الطبيعية، تحت عنوان جذاب للجمهور المحلي هو التنمية الوطنية في تجاهل تام للتعهدات البيئية التي التزمت بها

مفارقات دولية

في عام 2017 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ تحت عنوان حماية الاقتصاد الأمريكي وفرص العمل، في خطوة عكست بشكل واضح أولوية المصالح الوطنية الداخلية على الالتزامات المناخية التي من شأنها الحد من تفاقم الموقف المناخي للعالم بأسره.

وفي البرازيل، شهدت غابات الأمازون التي تمثل واحدة من أهم رئات العالم النشطة، خلال فترة سابقة تسارعاً في عمليات الإزالة بفعل سياسات خففت القيود على الزراعة والتعدين، تحت شعار استثمار الموارد السيادية ما أثار شهية عمالقة الاستثمار وتصيد الفرص الربحية، لتبدأ مرحلة غير مسبوقة في محاصرة الغابات وقضم المساحات الخضراء، رغم الانتقادات الدولية الواسعة.

أما في أستراليا، فقد تمسكت الحكومات المتعاقبة بصناعة الفحم الذي يعد ألد أعداء الطبيعة النظيفة، على اعتبارها ركيزة اقتصادية أساسية ومصدراً لتأمين الطاقة، رغم التعهدات المتكررة للحكومة بالتحول إلى مصادر نظيفة.

وفي دول نفطية عدة، تظهر ازدواجية واضحة بين الحديث عن التحول الأخضر وبين استمرار الاعتماد الفعلي على النفط والغاز كأولوية استراتيجية في خطط التنمية الوطنية.

دوافع اقتصادية وسياسية

يرى خبراء أن هذه التعديات البيئية تعود إلى ضغوط اقتصادية داخلية ورغبة الحكومات في الحفاظ على استقرارها المالي والاجتماعي، إضافة إلى المنافسة الدولية التي تجعل بعض الدول تتردد في تبني إجراءات صارمة قد تؤثر على قدرتها التنافسية وتكون بؤرة لأزمات اجتماعية جراء خلل في تقديم الخدمات.

كما تستخدم ذرائع السيادة الوطنية لتبرير مشاريع تنموية أو استثمارية قد تكون ذات أثر بيئي سلبي بالغ، ومن شأن هذه السياسات أن تسهم في تسارع فقدان الغطاء النباتي وارتفاع معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يزيد من احتمالات الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات، ويهدد نظم العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية والبيئة التي يعتمد عليها ملايين البشر حول العالم.

توازن واقعي بين التنمية والمناخ

يشدد مختصون في البيئة والتنمية على ضرورة ربط برامج التحول الأخضر بحوافز اقتصادية وحماية اجتماعية تتيح انتقالاً عادلاً للعاملين في القطاعات التقليدية، وتعزيز الشفافية في استغلال الموارد الطبيعية، إضافة إلى تقديم دعم تقني ومالي للدول النامية بدلاً من فرض العقوبات عليها وإفقارها، وبالتالي دفعها نحو الإمعان أكثر في أذية الطبيعة النظيفة والإخلال بالنظام البيئي.

ويؤكدون أن حماية المناخ لا تتناقض مع التنمية الاقتصادية إذا ما وضعت سياسات رشيدة توازن بين المصالح الوطنية والأمن البيئي العالمي، وتمنح للأجيال القادمة حقها في بيئة مستقرة ومستدامة.

تابعنا للمزيد من الاخبار عبر الواتساب

دليلك الشامل لأحدث الأخبار

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Advertisement