كثرت التساؤلات خلال الأيام القليلة الماضية حول توجهات مصرف سوريا المركزي الجديدة في ظل اعتماده على استراتيجية اقتصادية جديدة مختلفة عن الاستراتيجية السائدة في السابق، لاسيما بما يتعلق بالتعامل مع مسألة استبدال العملة السورية المتداولة حالياً أو طباعة المزيد منها.
ضمن هذا السياق، حسم مصدر رسمي في الإدارة السورية الجديدة في حديث لمنصة اقتصاد الشرق الجدل حول وجود توجهات لدى مصرف سوريا المركزي نحو طباعة مزيداً من العملة والأوراق النقدية السورية المتداولة في الأسواق المحلية.
أكد المصدر في حديثه أن الإدارة السورية الجديدة لا تخطط مطلقاً للجوء إلى طباعة العملة بهدف تمويل زيادات الرواتب المرتقبة، وفق تعبيره، كما نوه المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته في حديثه للمنصة أن القائمين على ملف الاقتصاد في سوريا حالياً يرون بأن طباعة العملة يعد من أكبر الأخطاء التي كانت سبب مباشر في انهيار قيمة الليرة السورية خلال الأعوام السابقة.
لفت إلى أن الإدارة السورية الجديدة تعمل على تمويل غالبية الزيادات سواءً زيادة كتلة الرواتب أو غيرها من الزيادات عبر الفائض الذي يتم تحقيقه من التدقيق في لوائح الموظفين في القطاع العام، حيث تبين أن عدد كبير من الموظفين موجودين على اللوائح دون أن يكون لهم أي وجود على أرض الواقع في مكان الوظيفة، كما لفت كذلك الأمر إلى أن الوفرات المالية التي سيتم تحقيقها من ملفات الفساد ستساهم أيضاً بشكل كبير في تغطية قسم كبير من الزيادات، حيث أن أموال ضخمة ومبالغ كبيرة كانت تهدر بسبب فساد المسؤولين وعدد كبير من الموظفين في القطاع العام.
بحسب خبراء في مجال الاقتصاد، فإن من أسهل الحلول التي قد تلجأ إليها أي حكومة هو طباعة العملة والمزيد من النقود، لكنه يبقى حلاً قصير المدى سيكون له عواقب وتداعيات سلبية على المدى البعيد، كما أشار الخبراء إلى أن المسؤولين عن إدارة ملف الاقتصاد في سوريا حالياً يبدو أنهم يدركون تماماً ما يفعلون، فحين يؤكدون عدم توجههم لطباعة مزيد من العملة السورية، فإنهم يثبتون أن لديهم خبرات واسعة في مجال الاقتصاد.
يأتي ما سبق في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد السوري انتعاشة معنوية قبل الانتعاش على أرض الواقع، وذلك بعد تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا، منوهين أن قرار وزارة الخزانة الأمريكية من شأنه أن يعيد العلاقات التجارية وأن يمنح دفعة قوية للاقتصاد المحلي في سوريا.
ختاماً من الجدير بالذكر أن معظم خبراء الاقتصاد يرجحون أن تشهد سوريا تدفق للاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تسريع البدء بمشاريع إعادة البناء والإعمار في البلاد.