خبيران اقتصاديان: من الريع إلى الإنتاج… مسار التحول نحو اقتصاد سوري تنافسي

خبيران اقتصاديان: من الريع إلى الإنتاج… مسار التحول نحو اقتصاد سوري تنافسي

دمشق-حسب ما رصد دليلك نيوز الإخباري

في لحظة مفصلية من تاريخ الجمهورية العربية السورية، لم يعد من الممكن تجاهل الحاجة إلى تحول هيكلي عميق في بنية الاقتصاد الوطني، بعدما أثبت النموذج الريعي الذي ساد لعقود فشله في تحقيق العدالة والكفاءة، وأنه آن الأوان للانتقال إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي، يعيد بناء الثقة، ويطلق طاقات السوريين نحو التنمية المستدامة.

نجاح التحول السياسي نقطة انطلاق نحو اقتصاد مستدام

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم نافع قوشجي في تصريح لـ حسب ما رصد دليلك نيوز الإخباري أن نجاح التحول السياسي في الجمهورية العربية السورية يمثل نقطة انطلاق حاسمة نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس حديثة ومستدامة، مشدداً على ضرورة الانتقال من اقتصاد ريعي هش، إلى نموذج إنتاجي تنافسي يقوم على الشفافية.

وأوضح قوشجي أن القطاع الصناعي الحالي يعتمد على استيراد جميع مستلزمات الإنتاج، ولا يستند إلى الخامات والمواد الأولية الوطنية، ما يجعل الاقتصاد السوري هشاً وسريع التأثر بتقلبات سعر الصرف، إضافة إلى امتصاصه التضخم من دول المصدر، كما يؤدي هذا الاعتماد إلى استخدام مستوردات منخفضة الجودة، بهدف خفض تكاليف الإنتاج، بما يتناسب مع انخفاض متوسط دخل المستهلكين.

إعادة هيكلة الاقتصاد وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات الحيوية

وبيّن قوشجي أن تحقيق أثر اقتصادي شامل يتطلب إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية، وتوجيه الاستثمارات وخاصة الأجنبية منها نحو القطاعات الحيوية مثل الصناعة، والزراعة، والطاقة، داعياً إلى ربط هذه الاستثمارات بهياكل شركات مساهمة عامة لضمان الشفافية، وتعزيز الثقة المؤسسية، وإدراجها ضمن سوق دمشق للأوراق المالية.

رؤية وطنية متوازنة..الجمهورية العربية السورية 2035 من الريع إلى الإبداع

في إطار رؤيته للتنمية المتوازنة، شدد قوشجي على أهمية توزيع المشاريع بشكل عادل جغرافياً لدعم التنمية الإقليمية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، داعياً إلى تبني رؤية وطنية شاملة بعنوان: الجمهورية العربية السورية 2035 من الريع إلى الإبداع، ترتكز على إرادة سياسية جريئة، وإصلاحات تشريعية ومؤسسية معمّقة، وتفعيل دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في دفع عجلة النمو.

دعم ريادة الأعمال والتحول الرقمي والإصلاحات الضريبية

وأشار قوشجي إلى ضرورة تفعيل صناديق تمويل وطنية، لدعم ريادة الأعمال والابتكار الصناعي، وتسهيل تأسيس الشركات الناشئة، إلى جانب إصلاح النظامين الضريبي والتمويلي، بما يحقق العدالة ويحفز النشاطات الإنتاجية.

وأكد أن التحول المنشود لا يكتمل دون رقمنة الإجراءات الحكومية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتنفيذ مشاريع كبرى ذات أثر ملموس على مستوى جميع المحافظات.

أهمية مؤشرات الأداء والمتابعة الشفافة

ولفت قوشجي إلى أهمية وضع مؤشرات أداء دقيقة لقياس نتائج هذا التحول، مثل مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات التوظيف الصناعي، ونشر تقارير ربع سنوية للرأي العام، مشيراً إلى أن هذه المرحلة تشكل فرصة تاريخية لالجمهورية العربية السورية لكتابة فصل جديد عنوانه: الإنتاج، والكفاءة، والعدالة المستدامة.

ثلاث ركائز للانتقال إلى اقتصاد إنتاجي

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي بجامعة دمشق، ياسر المشعل، في تصريح مماثل: إن الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية أولها: تطوير سلاسل القيمة المحلية، عبر رفع نسبة المكوّن المحلي في المنتجات النهائية من 30% حالياً إلى 60% خلال خمس سنوات، الأمر الذي يسهم في تقليص الاعتماد على الاستيراد، وتعميق التصنيع المحلي.

تعزيز التنافسية والصادرات

أما المحور الثاني فيركّز بحسب المشعل على تعزيز التنافسية العالمية من خلال استراتيجية وطنية للتصدير تستهدف مضاعفة الصادرات غير النفطية بنسبة 100%، والانضمام إلى اتفاقيات تجارة إقليمية ودولية، لزيادة حجم التجارة الخارجية بنسبة 70%، إلى جانب تطوير منظومة الجودة الوطنية، بما يتوافق مع المعايير الدولية، ما يرفع نسبة المنتجات المطابقة للمواصفات العالمية بنسبة 150%.

تمكين الاقتصاد المعرفي وربط التعليم بسوق العمل

فيما يتعلق بالمحور الثالث، أشار الدكتور المشعل إلى أن الخطة تولي اهتماماً خاصاً بالاقتصاد المعرفي، من خلال إصلاح نظام التعليم العالي والمهني وربطه بسوق العمل، مما يفضي إلى خفض بطالة الخريجين من 60% إلى 30%، داعياً إلى رفع الإنفاق على البحث والتطوير من 0.2% إلى 1% من الناتج المحلي، وتشجيع ريادة الأعمال، بما يحقق نمواً في عدد الشركات الناشئة المبتكرة بنسبة 300%.

القطاعات المستهدفة وآفاق النمو

وبين المشعل أن القطاعات المستهدفة في عملية التحول تشمل الصناعات التحويلية، وخصوصاً الصناعات الغذائية، والنسيجية، والدوائية، وصناعة مواد البناء، والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، والخدمات ذات القيمة المضافة مثل تكنولوجيا المعلومات، والسياحة المستدامة، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة.

أثر التحول المتوقع على مؤشرات الاقتصاد الكلي

وأكد المشعل أن تنفيذ هذا الانتقال من شأنه رفع معدل النمو الاقتصادي إلى 7% خلال عقد، وخلق 750 ألف فرصة عمل، وخفض معدل البطالة إلى أقل من 20 %، وتحسين مؤشرات الاكتفاء الذاتي والتنمية البشرية، مشدداً على أهمية التكامل بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لإنجاح هذه الرؤية الوطنية الطموحة.

تابعنا للمزيد من الاخبار عبر الواتساب

دليلك الشامل لأحدث الأخبار

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Advertisement