ما الحل؟ المركزي يراقب بصمت والمواطن يدفع ثمن قلة السيولة.. الليرة إلى أين؟

في تحول دراماتيكي يشهده السوق السوري، باتت الليرة السورية اليوم مطلوبة أكثر من الدولار، في مشهد لم يكن متصوراً قبل سقوط نظام الأسد، فبعد أن كان التعامل بالدولار تحت حكمه جريمة يعاقب عليها بالسجن أو بغرامات باهظة تفرض تحت مسمى التسوية النقدية، أصبح الأخضر والنعناع والبقدونس، كما كان يصفه السوريون، يباع علناً على الطرقات دون قيود.

بينما كان التجار في السابق يسعون إلى اختزان الدولار بأي وسيلة، يبحثون اليوم عن الليرة السورية لتأمين احتياجاتهم الأساسية، في وقت لم يعد هناك من يشتري الدولار، ليس بسبب تعافي الاقتصاد، بل نتيجة تجفيف السيولة النقدية وانكماش المعروض من الليرة في الأسواق.

المواد متوفرة، لكن لا يوجد سيولة للشراء، عبارة أصبحت لسان حال التجار والمحللين الاقتصاديين في سوريا خلال الأيام الماضية، تزامناً مع التحسن المفاجئ لسعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، حيث وصل إلى 8 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد لأول مرة منذ سنوات.

هذا التغير السريع في سعر الصرف أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط الاقتصادية، حيث تعددت التحليلات حول أسبابه، فالبعض يرى أن العامل النفسي والسياسي لعب دوراً رئيسياً في هذا التحسن، مدفوعاً بظروف اقتصادية معينة وزيارات دبلوماسية شهدها الملف السوري مؤخراً.

لكن في المقابل، هناك من يرى أن ما حدث ليس تحسن حقيقي، بل انعكاس لسياسات مالية غير مستدامة، مما دفع خبراء الاقتصاد إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من تداعيات هذا النهج على الاقتصاد السوري على المدى الطويل.

لماذا تحسن سعر الصرف؟ لماذا اختفت السيولة من الأسواق؟ وما مستقبل الليرة السورية؟ تساؤلات تشغل السوريين اليوم في ظل التغيرات الاقتصادية الأخيرة، وبين التحليلات المتباينة والمخاوف المتصاعدة، نحاول في السطور التالية تسليط الضوء على الأسباب المحتملة والنتائج المتوقعة.

الليرة sires

أسباب مباشرة

منذ سقوط النظام، شهد سعر الصرف تذبذبات حادة، عاكسة حالة من الإرباك الاقتصادي والمعيشي. فبعد أن لامس حاجز الـ 22 ألف ليرة مقابل الدولار، سجل تحسن ملحوظ مع الأيام الأولى لسيطرة الإدارة الجديدة، ليصل إلى 14 ألف ليرة، قبل أن يواصل انخفاضه المفاجئ خلال الأسبوع الأخير وصولاً إلى 8 آلاف ليرة للدولار الواحد، هذا التغير السريع لم ينعكس على أسعار السلع والخدمات الأساسية، مما زاد من معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم أمام حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، حيث بقيت الأسعار مرتفعة رغم تحسن قيمة العملة.

تحسن العملة يكون عادة مرتبط إما بعوامل اقتصادية حقيقية تعكس تحسناً في الأداء الاقتصادي للدولة، أو بعوامل مصطنعة ناتجة عن تدخلات حكومية قصيرة الأجل، لكن في الحالة السورية، لا توجد أي مؤشرات اقتصادية فعلية تبرر التحسن الأخير في سعر صرف الليرة.

كما لا توجد حتى الآن سياسة نقدية واضحة تسمح بتعديل أسعار الفائدة، إلى جانب أن معدلات الإنتاجية لا تزال منخفضة في ظل غياب سياسات داعمة لتعزيز الإنتاج ورفع كفاءته.

عند البحث في أسباب تحسن سعر الصرف، يمكن تصنيف العوامل المؤثرة إلى أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، حسب ما قاله أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو.

أما العامل الأساسي في ارتفاع سعر الصرف فهو حبس (تجفيف) السيولة، إلى جانب دخول مناطق جديدة في التعامل بالليرة السورية، مثل الشمال السوري، بعد أن كانت تعتمد على الليرة التركية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الليرة السورية.

قلة السيولة

يعرف مصطلح قلة السيولة بأنه سياسة نقدية تتبعها الحكومات أو البنوك المركزية للحد من كمية النقد المتداول في السوق، بهدف ضبط التضخم أو تحقيق استقرار في سعر الصرف.

يتم ذلك عبر عدة وسائل، مثل تقييد عمليات السحب والإيداع، أو تأخير صرف الرواتب، أو وقف الإنفاق الحكومي، أو رفع أسعار الفائدة لجذب السيولة إلى النظام المصرفي.

اتبعت حكومة الأسد سياسة تجفيف السيولة خلال السنوات الماضية في محاولة للسيطرة على سعر الصرف، حيث لجأت إلى فرض قيود على تداول النقد، كان أبرزها إلزام المواطنين بإيداع جزء من أي عملية بيع للعقارات أو السيارات في المصارف، وتحديد سقف السحب اليومي بمليوني ليرة، والمبلغ المسموح حمله بين المحافظات بـ5 ملايين ليرة.

ما الحل لليرة السورية؟

من أجل تحسين سعر الصرف بشكل مستدام، يتطلب الأمر العمل على عدة عوامل، حسب شهدا، أبرزها:

  • تحفيز الإنتاجية، إذ إن زيادة الإنتاج المحلي تعزز الميزة التنافسية لسوريا.
  • تحقيق استقرار سياسي واقتصادي، وهو عامل أساسي لجذب الاستثمارات وتحفيز التنمية.

ختاماً من دليلك نيوز الإخباري لا توجد معطيات واضحة تسمح بالتنبؤ بمستقبل الليرة في المدى القريب، إذ إن الوضع الحالي يعكس تقلبات مستمرة مرتبطة بالعرض والطلب، وليس بتحسن الإنتاجية الفعلية، حيث أن البلاد خارجة من أزمة نهب وفساد كبيرة كان يمارسها نظـام الأسد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Advertisement