في ضوء الواقع الراهن والضرورات التي تفرضها المرحلة، قررت الحكومة الجديدة سلوك اتجاه جديد كلياً يعتمد على اقتصاد السوق الحر، وهو ما يفرض تحديات كبيرة على الإدارة الجديدة، ويتطلب إصلاحات عميقة ومراحل تحول تدريجية لضمان نجاح تطبيق هذا النموذج بما يتناسب مع سوريا الجديدة.
اقتصاد السوق الحر هو نظام اقتصادي يعتمد على حرية العرض والطلب في تحديد أسعار السلع والخدمات، دون تدخل حكومي مباشر، حيث تترك قوى السوق لتنظم الأنشطة الاقتصادية، حيث يرتكز هذا النظام على مبادئ مثل حرية التبادل، والملكية الخاصة، والمنافسة بين الشركات، فيما تحدد الأسعار بناءً على التفاعل بين العرض والطلب، وتعتبر الأرباح دافع رئيسي للابتكار وزيادة الإنتاجية، في المقابل يكون دور الحكومة محدود في حماية حقوق الملكية، وضمان العدالة، ومنع الاحتكار.
من أبرز مزايا اقتصاد السوق الحر أنه يعزز الكفاءة الاقتصادية من خلال المنافسة، ويشجع الابتكار الذي يسهم في تنويع السلع والخدمات، كما يتمتع بمرونة عالية، وبيروقراطية يفترض أن تكون معتدلة، مما يجذب الاستثمارات ويحفز النشاط الاقتصادي.
على الجانب الآخر، فإن من أبرز العيوب المحتملة لاقتصاد السوق الحر حدوث تفاوت كبير في الدخل والثروة بين مختلف فئات الشعب، بالإضافة إلى احتمال فشل السوق في توفير بعض الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم إذا تم التخلي عنهما وخصخصتهما بالكامل، كما قد تنشأ احتكارات لبعض المنتجات المهمة، مما يؤدي إلى ضعف المنافسة، وقد تتعرض السوق لتقلبات اقتصادية مثل التضخم أو ارتفاع معدلات البطالة في حال عدم وجود قوانين منظمة لهذا القطاع.
تمثل دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وهونغ كونغ أمثلة بارزة على تطبيق السوق الحرة، حيث تتمتع أسواقها بدرجة عالية من الحرية مع تدخل حكومي محدود يهدف إلى تعزيز الابتكار والتنافسية. ويُعد هذا النموذج وسيلة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية من خلال قوى العرض والطلب، دون قيود بيروقراطية تعيق النشاط التجاري، مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
من جهة أخرى تهدف الحكومة إلى التأكيد للداخل السوري بأن عهد المركزية الاقتصادية قد انتهى مع سقوط النظام السابق، مما قد يُخفف من مخاوف البعض بشأن تركيز السلطة الاقتصادية في يد أقلية جشعة، كما يسعى هذا التوجه إلى توجيه رسالة طمأنة للفئات المهمشة، مفادها أن التحول لن يكون على حساب حقوقهم، وأنه سيتم اتخاذ إجراءات لحماية الطبقات الأكثر تضرراً من التغيرات الاقتصادية، بما يضمن توزيع عادل للموارد والثروات على جميع أفراد المجتمع.