قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي: تشهد سوريا منذ سنوات أزمة اقتصادية حادة، تفاقمت بسبب الحرب والعقوبات الدولية وانهيار قيمة الليرة السورية، موضح رأيه بضرورة طباعة عملة جديدة كإحدى الأدوات المحتملة لمعالجة الأزمات النقدية والمالية ومدى جدوى هذه الخطوة؟ وإيجابياتها وسلبياتها؟
قوشجي استعرض أسباب دعم طباعة عملة جديدة، والتي تتركز برأيه على معالجة التبادلات المالية بسبب التضخم الجامح، حيث عانت الليرة السورية انهيار قيمتها بنسبة تفوق 90 بالمئة منذ بداية الأزمة، مما أدى إلى تضخم هائل وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. طباعة عملة جديدة بفئات نقدية أعلى (10.000 و25.000)ليرة سورية، قد تساعد في تبسيط المعاملات اليومية وتقليل الحاجة إلى حمل أموال بكميات كبيرة، وتكون تكلفة طباعتها 20 سنتاً مناسبة مع قيمة العملة المطبوعة.
كما اعتبر قوشجي أن ذلك يسهم في استعادة الثقة بالنظام النقدي السوري، معتبراً أن إصدار عملة جديدة يمكن أن يكون جزءاً من إصلاح نقدي شامل، مثل سحب ورقة الألف والألفين التي عليها صور البائدين، ولضبط الكتلةالنقدية لمنع زيادة التضخم. أما بالسبة لفكرة إعادة تقييم العملة مثل حذف أصفار من الفئات القديمة، فرأى الخبير الاقتصادي، أنه لا يمكن تطبيقها في الوضع الاقتصادي المتردي الحالي، إذ لا يمكن إعادة تقييم للعملة في حالة الركود فلا إنتاج ولا نشاط، ويصعب تقدير عدد الأصفار التي يجب حذفها لتكون القوة الشرائية لليرة السورية حقيقية، وعندها يتوازن متوسط دخل الفرد مع أسعار السلع والخدمات ويساعد ذلك في معالجة الفقر ورفع مستوى المعيشة للمجتمع السوري.
أضاف: عند طباعة عملة جديدة أو فئات جديدة، لابد من تعزيز الرقابة على التداول النقدي لمحاربة المضاربة والتهريب ومصادرة الأموال المدنسة من تجارة الممنوعات ومراقبة غسيل الأموال بشكل حقيقي. ومن إيجابيات هذا الأمر أنه يسهم في محاربةالاقتصاد الأسود، وذلك مع انتشار التعامل بالدولار والليرة التركية، حيث أصبحت الليرة السورية مهمّشة في بعض المعاملات الكبيرة، وفي بعض المناطق السورية، فإصدار عملة جديدة قد يشجع على العودة إلى استخدام العملة الوطنية إذا صاحب ذلك إصلاحات اقتصادية جذرية، كما أنه يدعم السيادة الوطنية، معتبراً الاعتماد المفرط على العملات الأجنبية (خاصة الدولار)، يضعف السيطرة النقدية للدولة، وطباعة عملة جديدة قد تكون خطوة نحو استعادةالسيطرة على السياسة النقدية، شرط أن تكون مدعومة بخطة اقتصادية واضحة.
حذر قوشجي من طباعة عملة جديدة نن دون إصلاحات اقتصادية حقيقية (مثل تحفيز الإنتاج، مكافحة الفساد، جذب الاستثمارات) قد تؤدي إلى مزيد من التضخم، وخاصة إذا زادت كمية النقود من دون غطاء كافٍ، مؤكداً وموضحاً ضرورة أنه إذا لم تُدرس الفكرة بعناية، فقد تُفقد المدخرات قيمتها (كما حدث في تجارب بعض الدول)، مما يزيد معاناة المواطنين. ورأى أنه من الصعب نجاح العملة الجديدة من دون دعم مالي أو نقدي إقليمي أو دولي، وخاصة في ظل العقوبات المفروضة على سوريا.
ختم قوشجي بالقول: طباعة عملة جديدة في سوريا ليست حل سحري، بل يجب أن تكون جزءاً من خطة إصلاح اقتصادي شاملة تشمل رفع الإنتاج المحلي،ومكافحة الفساد والتهريب، وتعويض المتضررين من أي تغيير نقدي، والتنسيق مع حلفاء اقتصاديين لضمان تغطية دولية للعملة، منوها بأن نجاح أي عملة جديدة يعتمد على ثقةالشعب والحكومة بالقدرة على تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي، وليس مجرد تغييرالشكل الخارجي للنقود.